لرئيس اللامتعاوّن | سهيل عطاالله

  •  

عندما كنت في الثانوية اعتمدت وأبناء صفي على المذياع وصحيفة "الاتحاد" كمصدرين رئيسين منهما نتزوّد بمعلومات عن احوال منطقتنا السياسية وغير السياسية.

يومها كنا نقرأ الجريدة في الخفاء لأن اخبارها ومقالاتها لم ترُق لذوي الشأن الحاكمين في بلادنا!!

كانت "الاتحاد" بُعبعا او غُولا وكان توزيعها وقراءتها امرين يُعرّضان أمتنا كطلاب لجور وعُسف وسياط احكام الحاكم العسكري وكل من تسلّح بسيفه ودعمه!!

في خريف 1956 يوم كنا في الصف العاشر ترددت اسماء عبد الناصر وبولغانين وايزنهاور وسمعنا حينها قصة انذار موسكو للمعتدين على مصر عبد الناصر كنذير بمواجهة دموية عالمية الأمر الذي دفع ايزنهاور لإجلاء البريطانيين والفرنسيين والاسرائيليين من ارض الكنانة....

 انّه ماض محفور في الذاكرة... اتذكره في عودتي لكتب قرأتها قبل عقود خلت ... ماض يصطبغ به حاضرنا هذه الايام!!

في كتابه (جواسيس جدعون) يتحدث (غوردون توماس) عن الزعيمين الراحلين جون كيندي ودفيد بن غوريون .. لقد طلب الزعيم الامريكي من الزعيم الاسرائيلي اخضاع المفاعل النوويّ في ديمونا لمجهر مراقبة دائمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية .. لقد اغضب الطلب زعيم دولة تمتلك الردع النووي كسلاح وقائي ضد من يحاول زعزعة كيانها!!

يقول (توماس) ان بن غوريون خرج من اجتماعه بكينيدي مُمتقعا متجهم الوجه هامسا في أذن احد مرافقيه:

"يبدو ان رئيسا كاثوليكيا في البيت الابيض امر مُضر بحاضر ومستقبل اسرائيل!".

في اعقاب هذه الهمسة اجمع المحللون ان الموساد كذراع لوكالة الاستخبارات المركزية قررّ تصّفية رئيس غير متعاون ليحلّ مكانه ريس متعاون اسمه (ليندون جونسون) .. هذا الذي بفضل تعاوّن ادارته مرّغت اسرائيل حكومات العرب  في وحل مستنقع هزيمة 1967.

انّ مشروع السلام الذي بدأ مع ياسر عرفات وحاضرا مع محمود عباس قابل للإجهاض والنسف من قبل اليمين العنصري المتطرف في اسرائيل.. هكذا مشروع اُجهض لحما ودما!!

تتراجع امريكا اليوم كما كانت بالأمس عن كل خطوة فيها ضرر لافكار سياسية وحياتية يعتبرها اليهود الاسرائيليون المتشددون المتطرفون قُدس اقداسهم .

على ضوء ما يجري هذه الايام في اروقة ودهاليز البيت الابيض وعندنا هنا في بلاد السمن والعسل اتساءل:

هل سيغير السيد الامريكي رأيه في تطبيق حلّ مشروع الدولتين ويعمل على تصفية مناصري هذا المشروع خشية على حاضره ومستقبله السياسي هل يتخلى السيد بنيامين نتنياهو عن عناده اليميني المتشدد ام انّ هناك حلا دمويا شبيها بذلك الذي اعتمده بن غوريون مع الرئيس الكاثوليكي؟!.

الى متى يركع الكبار محراب الصغار؟!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم